ها هي الأيام قد مرت بعد إستشهاد الشيخ أيمن الظواهري رحمه الله، وها نحن نرى الكثير من المختصين والمهتمين والمتابعين -وحتى بعض الجاهلين- وقد انبروا يحللون ويكتبون في محاولة من الجميع لإستقراء ما حدث ومن ثم استنتاج ما سوف يحدث. كل هؤلاء يحاولون الإجابة على سؤال: من هو الزعيم الجديد للتنظيم؟ وكما قلنا في مقالتنا السابقة التي كانت بعنوان: (ماذا بعد إستشهاد الشيخ الظواهري؟) أن تنظيم القاعدة سيمر بعدة مراحل، فها هي الأيام تثبت صدق قولنا. فلقد مر التنظيم بالمرحلة الأولى (مرحلة حفظ الذات)، وحالياً يعيش التنظيم المرحلة الثانية وهي مرحلة: (إختيار وإعلان القائد الجديد) وقلنا أن هذه المرحلة هي من أصعب المراحل حيث أننا سوف نلاحظ كثرة الشائعات والقيل والقال ومحاولات التقليل والانتقاص من بعض الأسماء سواء من أعداء التنظيم أو منافسيّ التنظيم من الحركات الجهادية الأخرى. ويمكننا أن نضيف أن البعض سوف يذكر أسماء وشخصيات معينة ويحاول أن يثبت بأن هذه الأسماء أو الشخصيات مؤهلة لقيادة تنظيم القاعدة، أو غير مؤهلة لقيادة التنظيم، كل حسب هدفه وما يراه من وجهة نظره. فمن هم المرشحون لقيادة التنظيم الذين كثر الكلام عنهم؟ وماذا قيل عنهم؟ ومن هم القائلون أو المتحدثون عن هذه الأسماء المرشحة لتولي منصب القيادة؟ الإجابة تكمن في قراءة التالي:
فأول من تردد أسمه في الأوساط الجهادية والحسابات الشهيرة على مواقع التواصل الإجتماعي هو سيف العدل الذي كثر الحديث عنه وعن ترشيحه للمنصب. ونحن كنا من بين من ذكر إسمه، ويري أصحاب هذا الرأي أن ترشيح سيف العدل يعود لأسباب عديدة منها أنه ينتمي إلى جيل مؤسسيّ القاعدة، ومنها أنه كان من بين الأشخاص الذين تم إختيارهم من قبل الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله.
ويقول محمد عيد الشتلي المحلل والخبير في الشئون الإقليمية والدولية ورئيس مركز الأمم للسياسات والإستشارات الإستراتيجية: “بالرغم من عدم انتماء سيف العدل إلى جيل مؤسسيّ القاعدة إلا أنه لعب دوراً مهماً في بناء التنظيم وتعزيز قدراته وإمكاناته العسكرية بالإضافة إلى أن سيف العدل هو من أسس جمع المعلومات الأمنية عن أهداف التنظيم”.
كما أن هناك الكثير من المهتمين بشئون الحركات الإسلامية والجهادية قاموا بترشيح سيف العدل لخلافة الظواهري خلال ظهورهم في مقابلات تليفزيونية ومنهم على سبيل المثال الأستاذ حسن أبو هنية.
ولكن هناك من يرى بأن سيف العدل غير مؤهل لقيادة التنظيم مثل حساب “مزمجر الشام” على موقع تويتر الذي قال في إحدى تغريداته بأن وجود سيف العدل تحت الإقامة الجبرية في إيران يطرح إشكالية شرعية وعقبة أمام توليه زعامة التنظيم، كما أنه استشهد بقول أبو خالد السوري الذي قال بأن سيف العدل لا يملك كاريزما وشخصية بن لادن والظواهري، ولن يستطيع إدارة شئون التنظيم.
وفي مقابل ذلك دافع صانع المحتوى واليوتيوبر المصري عبدالله الشريف عن وجود سيف العدل بإيران وأعتبره “كذبة وتشويهاً له وللتنظيم”. فقد ادعى عبد الله الشريف أن سيف العدل إما أن يكون قد غادر إيران فعلاً أو أنه على وشك المغادرة إلى أفغانستان. ولكن من الغريب جداً أن عبدالله الشريف لم يذكر ولو مصدراً واحداً لمعلوماته هذه أو حتى يشير إلى وجود مصدر للمعلومات في الأصل.
أما المرشح الثاني فهو عبد الرحمن المغربي الذي يقول عنه مزمجر الشام بأن فرضية زعامته للتنظيم أكثر منطقية، كون الثقل الأكبر للتنظيم الآن في “بلاد المغرب الإسلامي وأفريقيا” وكون المغربي الذى يُرجح أنه ترك إيران قبل مدة، أكثر حرية من سيف العدل. كما أن بعض وسائل الإعلام ذكرت بأن المغربي أولى بتولي المنصب كونه كان يُلقب “بثعلب القاعدة” وأنه كان مسئولاً عن الموقع الإعلامي لتنظيم القاعدة المعروف بإسم “مؤسسة السحاب”، بالإضافة إلى أنه كان شخصية مقربة من الشيخ أيمن الظواهري رحمه الله بإعتبار رابط المصاهرة بينهما. ومن المهم جداً هنا أيضاً أن ننوه إلى أن مزمجر الشام لم يذكر مصدراً يدعم ادعائه بأن المغربي قد ترك إيران أو يقدم دليلاً يثبت وجود المغربي في أي مكان آخر.
بينما يقول الأستاذ أحمد عاطف رمضان بأن إختيار عبد الرحمن المغربي زعيماً لتنظيم القاعدة سيكون خبراً سيئاً للمغرب حيث أنه سيمثل “إستمراراً لرحلة الدم” حسب رأيه!
أما الفريق الثالث فقد ذهبوا إلى تقديم إسم الشيخ أبو عبيدة يوسف العنابي زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي كمرشح ثالث لقيادة تنظيم القاعدة وإن كان من وجهة نظرنا أمراً مستحيلاً بسبب أقدمية كل من سيف العدل وعبد الرحمن المغربي وما قدموه للتنظيم.
وأخيراً، فإن الأسماء التي بقيت ولم تُذكر هنا هي الشيخ خالد باطرفي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وكذلك عمر أحمد ديري زعيم حركة الشباب المجاهدين الصومالية. وماعلينا الآن إلا أن نستمر بمتابعة مجريات الأمور لنعلم من سيكون القائد الجديد للتنظيم!!!